جرائم المدارس: كيف تحول التعليم إلى ساحة للعنف؟
العنف لضمان “الرجولة”: الطلاب يكشفون الدوافع الخفية وراء الجرائم المدرسية
“الفرجة والتصوير بدل التدخل”.. موقف الطالبات من شجار الزملاء في الشوارع
الخبراء: غياب القدوة وتفكك الأسرة.. الأسباب الحقيقية وراء تصاعد العنف المدرسي
المسؤولية مشتركة.. وتكاتف الأسرة والمدرسة والمجتمع ضرورة ملحّة لعلاج الظاهرة
مبادرات جديدة لزرع القيم الدينية والتربوية في المدارس
الشيخ حامد إبراهيم: العنف جريمة محرمة وترويع النفس ذنب عظيم
تحقيق – هناء سليمان بخيت :
تصاعدت في الآونة الأخيرة مظاهر العنف بين الطلاب في المدارس، حيث شهدنا حوادث أليمة مثل طعن طالب لزميله بسلاح أبيض أدى إلى وفاته، وحادثة أخرى فقأ فيها طالب عين زميلته لتدافعهم على السبورة.
هذه الجرائم، التي كنا نعتقد سابقًا أنها بعيدة عنا، أصبحت تحدث في المدارس، مما يثير تساؤلات حول سبب تحول مؤسسات العلم إلى ساحات للعنف والجريمة.
لقد كنا نطمح في تعليم الأبناء ليكونوا صالحين في المجتمع، لكن ما يحدث الآن يشير إلى قصور في المنظومة التي كانت تهدف لتحصين الطلاب ضد الجريمة والعنف. فالطلاب اليوم لم تعد اهتماماتهم محصورة بالعلم، بل أصبح كثير منهم منشغلين بالأغاني الهابطة والمسلسلات التي تمجد العنف، بل إن بعضهم يحملون أسلحة بيضاء، وكأنها جزء من هويتهم بدلًا من حملهم لأدوات التعليم.
طرحت “مصر الحرية” القضية للنقاش لفتح المجال أمام الطلاب للتعبير عن آرائهم حول تصاعد العنف في المدارس، وللوقوف على الأسباب العميقة وراء انتشار هذه الظاهرة. كما استعرضت آراء الخبراء الذين قدموا حلولًا عملية وتوصيات للحد من العنف المدرسي ومعالجة أسبابه.
عندما يصبح السلاح هو وسيلة التأكيد على الرجولة بين الطلاب
تحدث عدد من الطلاب عن وجهات نظرهم حول انتشار العنف في المدارس. وقال الطالب أحمد عمرو: إحنا بنعمل كده علشان ما يقولوش علينا “مش رجالة”، بس مش بنكون قاصدين القتل.
بينما عبّرت الطالبة حلا حمادة عن موقفها قائلة: إحنا كبنات مش عندنا الحاجات دي، بس لما بنشوف الأولاد بيتخانقوا في الشارع، الكل بيتفرج وبيصور، وما حدش بيحاول يصلح بينهم.
وأشار الطالب يوسف شاذلي إلى تأثير الأصدقاء، فقال: لو معايا صاحب كويس كان هيمنعني من حاجة زي كده، لكن اللي بشوفه إن الصاحب هو اللي بيشجع زميله ويقوله “علم عليه علشان تبقى راجل”.
التأثير السلبي للأفلام والمسلسلات
من جانبه قال د. أشرف الهواري، الحاصل على ماجستير في الآداب، إن هناك عدة عوامل تساهم في هذه الظاهرة، أبرزها تأثير المسلسلات التي تمجد العنف وأشخاص مثل “عبده موتة” الذين باتوا قدوة سيئة للطلاب، فضلًا عن غياب دور الأسرة وتهاون المجتمع في معاقبة تلك الجرائم.
وأضاف “الهواري” أن الحل يكمن في إعادة هيبة المدرسة واحترام المعلمين وتعزيز دورها التعليمي والتربوي.
غياب القدوة وتفكك الأسرة
و ترى د. زيزي مصطفى، أخصائية التربية الخاصة، أن الأسباب تشمل التفكك الأسري وانشغال الآباء بأعمالهم على حساب تربيتهم لأبنائهم، إضافة إلى ترك الأبناء لفترات طويلة دون رقابة على منصات التواصل الاجتماعي.
وتشير أيضًا إلى غياب القدوة وكثرة التنمر في المدارس، مما يزيد من حدة العنف.
تأثير منصات التواصل الاجتماعي
أما سمية فتحي عكاشة، موجه عام في التربية والتعليم، فترى أن الأسرة هي أساس العنف في المدارس، وأضافت أن “التيك توك” ومنصات التواصل أسهمت في هذه الظاهرة.
وذكرت أن المدارس تحاول علاج هذه الظاهرة من خلال الندوات والمحاضرات، بالتعاون مع وزارة الأوقاف لتعزيز النزعة الدينية لدى الطلاب.
العنف جريمة محرمة
وأوضح الشيخ حامد إبراهيم، أن العنف جريمة يعاقب عليها الدين الإسلامي بشدة، وقتل النفس من الكبائر التي حرمها الله تعالى.
وشدد على أهمية عودة الطلاب إلى تعاليم دينهم السمحة والتعاون على البر والتقوى، مشيرًا إلى أننا جميعًا إخوة في هذا الوطن وعلينا العمل على رفعته ونبذ العنف بين أبنائه.
هل هناك أمل في وضع حد للعنف المدرسي؟
عرضنا هذه القضية بكل جوانبها وآراء الخبراء حولها لمحاولة تسليط الضوء على الأسباب والمسؤولية.
إن مسؤولية الحد من العنف المدرسي تقع على عاتق الجميع، بدءًا من الأسرة مرورًا بالمدرسة وصولًا إلى المجتمع ككل. فهل نرى تحركًا جادًا لتغيير هذا الواقع المؤلم، أم نحن على موعد مع مزيد من الجرائم في ساحات العلم؟