رسالة دكتوراه تكشف أزمة الثقة بين الإدارات الضريبية ودافعي الضرائب في مصر
شهدت جامعة بني سويف مناقشة رسالة دكتوراه للباحث رمضان جمال محمدين محمود، المحامي بمحافظة سوهاج، تحت عنوان “دور القواعد الإجرائية في تحديد العبء الضريبي الفعلي في مصر – دراسة مقارنة”. وضمت لجنة المناقشة نخبة من المتخصصين في الاقتصاد والمالية العامة، برئاسة الدكتور رابح رتيب بسطا، وعضوية الدكتور الوليد صالح عبد العزيز مشرفًا، والدكتور إبراهيم عبد العزيز النجار عضوًا. تناولت الدراسة المشكلات التي تواجه النظام الضريبي المصري، خاصة تلك الناتجة عن تعدد الإجراءات الضريبية وتداخل المصالح والإدارات، مما أسهم في تراكم النزاعات الضريبية وتأخر تحصيل المتأخرات.
أوضحت الرسالة أن فقدان الثقة بين الإدارة الضريبية ودافعي الضرائب يعد من أبرز التحديات التي تواجه النظام الضريبي في مصر. وقد أدى ذلك إلى تراجع العدالة والمساواة، وأثّر سلبًا على الاستثمار وكفاءة النظام بشكل عام. كما أبرزت الدراسة أن غياب الشفافية وتعقيد الإجراءات أسهما في تفاقم النزاعات الضريبية، مما أضعف قدرة الإدارة الضريبية على تحصيل المتأخرات في الوقت المناسب.
من بين الحلول التي طرحتها الدراسة اعتماد تشريع إجرائي ضريبي موحد، ليكون الملاذ الآمن لتبسيط الإجراءات وتعزيز الشفافية. وأشارت إلى أهمية التحول الرقمي في تحسين العلاقة بين الممولين والإدارة الضريبية، حيث ساهمت الإقرارات الإلكترونية والفواتير الرقمية في توفير الوقت والجهد، وخفض تكاليف الالتزام الضريبي.
دعت الرسالة إلى وضع آليات لحماية دافعي الضرائب من أي تجاوزات قد تقوم بها الإدارة الضريبية، مع فرض عقوبات واضحة على أي تقاعس أو أضرار متعمدة تلحق بالممولين. كما شددت على ضرورة مراجعة القوانين الضريبية القائمة، خاصة بعد إلغاء عدد كبير من المواد بموجب قانون الإجراءات الضريبية الموحد لعام 2020، بهدف تحقيق وضوح وترتيب أكبر لمواد القانون.
كما سلطت الرسالة الضوء على أهمية نشر الثقافة الضريبية بين المواطنين، من خلال توفير برامج توعية متنوعة تشمل الوسائط المطبوعة والمسموعة والمرئية. وركزت على تطوير العنصر البشري داخل مصلحة الضرائب، من خلال تدريب الموظفين الحاليين والجدد على أحدث التقنيات واللغات الأجنبية، بما يساهم في رفع كفاءتهم وتحسين جودة العمل.
اقترحت الدراسة إنشاء محاكم ضريبية متخصصة، على غرار المحاكم الاقتصادية، لضمان سرعة الفصل في النزاعات الضريبية وتوحيد المبادئ القانونية. كما طالبت بتحويل مصلحة الضرائب إلى هيئة مستقلة تتبع مجلس الوزراء، ويكون لرئيسها صلاحيات وزير، بهدف تعظيم الإيرادات السيادية وتوحيد الإدارات الإيرادية تحت مظلة واحدة.
واختتمت الرسالة بتوصية لتعزيز الرقابة على المجتمع الضريبي، من خلال السماح لموظفي الضرائب ذوي الصفة القضائية بالاطلاع على الحسابات المصرفية للممولين، مع الالتزام بسرية البيانات. وشدد الباحث على أن هذه الخطوة ضرورية لضمان الشفافية والعدالة الضريبية، وتحقيق الحوكمة المطلوبة.
منحت لجنة المناقشة الباحث درجة الدكتوراه بتقدير “جيد جدًا”، مشيدة بما قدمه من رؤية شاملة لتحسين كفاءة النظام الضريبي ومعالجة القضايا التي تعرقل تطوره.