حلوة يا بلدي

“مؤمن المغربي” يشارك بصور فوتوغرافية تجسد الجنوب في مؤتمر دندرة الثقافي

 

كتبت: ولاء فخري

في أقصى صعيد مصر، وتحديدًا في مدينة قنا، يعيش الفنان المصور مؤمن بهجت المغربي، الذي كرس جهوده لتوثيق التراث الثقافي والبيئي للجنوب من خلال عدسته الإبداعية. هذا الشاب الذي يجد الجمال في الأماكن التراثية والمهن القديمة وحتى الطبيعة الجامدة، قرر أن يجعل من التصوير الفوتوغرافي وسيلة لإحياء تراث الجنوب وتوثيق تفاصيله الغنية التي قد تغيب عن الأعين مع مرور الزمن.

شارك مؤمن المغربي مؤخرًا بمجموعة من أعماله في معرض الفنون التشكيلية الذي أقيم على هامش فعاليات ملتقى دندرة الثقافي في قرية دندرة بمحافظة قنا. هذه المشاركة ليست الأولى له في معارض كبيرة، سواء داخل المحافظة أو خارجها، حيث استعرض في هذا المعرض صورًا فوتوغرافية تجسد أبرز ملامح التراث الثقافي للجنوب. تنوعت مشاركاته بين مشاريع توثيقية فريدة، مثل “قمره على التراث” الذي عرض بفندق حتحور بقنا عام 2016، و”السياحة في الجنوب” الذي أقيم بجامعة جنوب الوادي في نفس العام، ومشروع “اكتشف مصر” الذي عرض بأكاديمية ناصر العسكرية بالقاهرة عام 2019. كما عرض مشروع “آبسعيد” الذي قدمه في بيت السناري بالقاهرة عام 2022، بالإضافة إلى مشاركته في فرنسا بمعرض “ضوء” عام 2024.

قدم المغربي خلال مشاركاته الأخيرة مشاريع توثيقية هامة تسلط الضوء على عبقرية الإنسان الريفي وجمال تراث الجنوب. من بين هذه المشاريع مشروع “أجران” الذي يوثق صناعة أجران القمح في المنازل القديمة، والتي كانت تصنع بطريقة يدوية فريدة تعكس إبداع الإنسان البسيط. كما تناول مشروع “فرن الهنادي”، الذي يوثق أقدم مصنع للطوب في صعيد مصر بمركز إسنا، مشيرًا إلى الجهد الكبير الذي يبذله العمال في ظروف عمل شاقة، حيث يستخدمون أدوات بدائية في نقل الطوب وتشوينه.

لم يقتصر شغف المغربي على توثيق المهن التقليدية، بل امتد ليشمل توثيق جماليات الطبيعة، كما في مشروعه “شروق الرأس”، الذي التقط فيه مشاهد شروق الشمس وغروبها من أرجاء مدينة قنا، مع تفاصيل دقيقة، مثل شبكات العناكب التي تنصبها على ضفاف النيل لصيد الحشرات في الصباح الباكر.

ومن أبرز أعماله التي أثارت الجدل مشروع “آبسعيد”، الذي قدم فيه قصة رجل بسيط يعيش بتأمل وارتباط عميق بالطبيعة والأرض. عبرت عدسته عن فلسفة الحياة اليومية لهذا الرجل في تفاعلها مع الكون، حيث بدت الصور كلوحات فنية نابضة بالمشاعر والروحانية.

يؤكد مؤمن المغربي أن توثيق التراث مهمة ليست بالسهلة، فهي تتطلب وعيًا بأهميته وضرورة الحفاظ عليه. إلا أن هذه المهمة تواجه تحديات كبيرة، أبرزها نقص الوعي العام لدى الناس، وصعوبة الحصول على تصاريح التصوير في الأماكن الأثرية، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف تنفيذ المشاريع وتسويقها.

يرى المغربي أن عمله يتجاوز كونه مجرد صور، فهو رسالة تهدف إلى إحياء التراث وحمايته من النسيان. ويؤمن أن الصورة الحقيقية هي تلك التي تعيش عبر الزمن، وتروي قصصًا تشكل وجدان الناس وترتبط بعمق بالروح والوجدان. من خلال عدسته، يسعى المغربي إلى رفع الوعي بأهمية التراث الثقافي والبيئي للجنوب، ويأمل أن تسهم أعماله في الحفاظ على هذا الإرث الغني للأجيال القادمة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى