د. أحمد حفظي يكتب- الشباب المصري: قوة ناعمة تُعيد رسم ملامح المستقبل

في العصر الحديث، لم تعد قوة الدول تُقاس فقط بمدى تفوقها العسكري أو الاقتصادي، بل أصبحت القوة الناعمة—المتمثلة في الثقافة، والفنون، والتعليم، وريادة الأعمال—هي المحرك الأساسي لنفوذ الدول وتأثيرها عالميًا. وفي هذا السياق، يُعد الشباب المصري أحد أعظم ثروات مصر، ليس فقط لكونهم يمثلون النسبة الأكبر من السكان، بل لأنهم يتمتعون بطاقة إبداعية هائلة قادرة على إحداث تغيير حقيقي، يجعل من مصر نموذجًا فريدًا للقوة الناعمة في العالم.
الشباب المصري: محرك الإبداع والابتكار
لطالما أثبت الشباب المصري قدرته على تجاوز التحديات وتحقيق إنجازات استثنائية في مختلف المجالات. في ريادة الأعمال، أطلق الشباب العديد من الشركات الناشئة التي نجحت في المنافسة عالميًا، مقدّمين حلولًا مبتكرة لمشكلات مجتمعية واقتصادية.
وفي مجال الفنون، يعكس الإبداع المصري الهوية الثقافية الغنية، حيث نجح الفنانون الشباب في تصدير صورة عصرية لمصر من خلال السينما والموسيقى والفنون التشكيلية. أما على الساحة الرياضية، فأصبح نجوم مثل محمد صلاح أيقونات عالمية تعكس الروح المصرية المفعمة بالإصرار والتميز.
التعليم والإعلام: جناحا القوة الناعمة
لا يمكن أن تزدهر القوة الناعمة للشباب دون بيئة داعمة، وأهم هذه العوامل هو التعليم. فمع تطور التكنولوجيا، أصبح من الضروري تطوير المناهج وربطها بسوق العمل، لتمكين الشباب من المنافسة عالميًا.
كما تلعب وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي دورًا كبيرًا في تشكيل صورة مصر دوليًا، حيث يستطيع الشباب استخدام هذه الأدوات للترويج لإنجازاتهم وإبراز الهوية المصرية الحديثة للعالم.
وعلى الرغم من هذه الإمكانيات الكبيرة، يواجه الشباب المصري تحديات مثل البطالة، وضعف بعض النظم التعليمية، والهجرة بحثًا عن فرص أفضل. ولكن الحل يكمن في تعزيز الابتكار، ودعم المشروعات الصغيرة، وخلق بيئة مشجعة للنمو والتطور، وهو ما تسعى إليه الدولة من خلال المبادرات والمشروعات القومية.
ومن هنا أصبح الشباب المصري ليس مجرد رقم في الإحصائيات، بل هو القلب النابض لمستقبل البلاد. لكن امتلاك هذه الطاقة وحده لا يكفي؛ بل يجب استثمارها بشكل صحيح عبر التعليم والتدريب ودعم الإبداع. إن قوة مصر الناعمة تكمن في شبابها، وإذا أُحسن توجيههم، فسيكونون قادرين على إعادة رسم ملامح المستقبل، ليس لمصر وحدها، بل للعالم أجمع..
فالشباب المصري هو الأمل الذي تستند إليه مصر في رحلتها نحو الريادة. إن دعمهم، وتمكينهم، وفتح المجال أمامهم للإبداع والابتكار، سيجعل من مصر نموذجًا رائدًا للقوة الناعمة في العصر الحديث، ويؤكد أن المستقبل يصنعه أولئك الذين يملكون الشغف والرؤية والطموح.
* كاتب المقال : رئيس لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة بنموذج محاكاة مجلس الشيوخ