محمد القاضي.. قنائي يحوّل المخلفات إلى فوانيس رمضان وتحف فنية

كتبت: ولاء فخري
في مدينة قوص بمحافظة قنا، يبدع محمد خليل القاضي، الرجل الستيني، في تحويل المخلفات المنزلية إلى فوانيس رمضان ومجسمات فنية تعكس التراث المصري. منذ أن كان في الخامسة عشرة من عمره، بدأ القاضي هذه الهواية، ليواصل على مدار عقود صنع تحف مميزة، لم يفرّط في أي منها، بل جعلها تزين أركان منزله كقطع فنية نابضة بالحياة.
فن من المخلفات.. إبداع بلا حدود
لم يتخرج القاضي من كلية فنون جميلة، لكنه يمتلك موهبة فنية نادرة، إذ يحوّل القطع المهملة والمخلفات الصلبة إلى فوانيس ومجسمات تحاكي فترات زمنية مختلفة، وتعبر عن حرف نادرة اندثرت بمرور الزمن. فبالنسبة له، كل قطعة تحمل بين طياتها قصة ورسالة، ما يجعل أعماله أكثر من مجرد ديكور، بل ذاكرة حية للماضي.
التفرغ للفن بعد المعاش
بعد بلوغه سن التقاعد، تفرّغ القاضي لصنع المزيد من الفوانيس والمجسمات التي تعبّر عن مشاهد من الماضي لم يعشها الجيل الحالي. وعلى الرغم من امتلاكه مجموعة فريدة من الأعمال، فإنه لم يشارك في أي مسابقات، مكتفيًا بعرض إبداعاته في منزله وداخل ورشته الصغيرة بقبو منزله.
يقول القاضي: “لم أكن أرغب في إلقاء أي مخلفات صلبة في القمامة، سواء كانت صفيحًا أو بلاستيكًا أو حتى ورقًا، بل أحتفظ بها وأعيد تدويرها في أشكال إبداعية.”
حفظ التراث وإحياء الذاكرة
يرى القاضي أن هدفه الأساسي ليس فقط إعادة التدوير، بل الحفاظ على الهوية والصناعات التراثية، وتعريف الأجيال الجديدة بالحرف القديمة التي بدأت في الاختفاء. ويضيف: “صناعة هذه الأشكال والمجسمات لا تكلفني سوى المواد اللاصقة، بينما تأتي بقية الخامات من المخلفات التي أجمعها.”
تكريم مستحق لموهبة نادرة
حصل القاضي مؤخرًا على تكريم من قصر ثقافة قوص، تقديرًا لمجهوداته في حفظ التراث من خلال أعماله الفنية. ويُذكر أنه كان يشغل سابقًا منصب مدير عام بالتأهيل المهني الاجتماعي، لكنه ظل متمسكًا بهوايته منذ شبابه، ولم يتخلّ عنها حتى بعد خروجه إلى المعاش، بل زاد من نشاطه وإبداعاته، ليصبح نموذجًا يُحتذى به في الاستفادة من المخلفات وتحويلها إلى أعمال فنية تعكس روح الزمن الجميل.