د.أحمد حفظي يكتب: العاشر من رمضان.. عندما تجتمع روح الإيمان مع إرادة الانتصار
العاشر من رمضان: نصرٌ خالد يضيء ليالي الشهر الفضيل، فهو ليس مجرد شهر للصيام والقيام، بل هو مدرسة متكاملة تُعلمنا الصبر، والإرادة، والجهاد في سبيل تحقيق الأهداف. ومن أعظم الأمثلة على ذلك يوم العاشر من رمضان، الذي لم يكن مجرد يوم في التقويم، بل كان نقطة تحول في تاريخ مصر والأمة العربية، حيث سطّرت القوات المسلحة المصرية أروع ملاحم النصر في حرب أكتوبر 1973. إن هذا اليوم شاهد على أن الإيمان المقترن بالعمل الجاد قادر على تحقيق المستحيل، وهو ما نحتاج إلى استلهامه في حياتنا اليوم.
لتصبح ملحمة العاشر من رمضان حين تحطمت أسطورة المستحيل.
وعندما نعود بالذاكرة إلى العاشر من رمضان عام 1393هـ، الموافق 6 أكتوبر 1973، نجد أننا أمام لحظة تاريخية أثبتت أن العزيمة الصادقة لا تقف أمامها أي عوائق. القوات المسلحة المصرية، رغم صيامها، استطاعت أن تعبر قناة السويس، وتحطم خط بارليف، وتلقن العدو درسًا لن يُنسى. لم يكن النصر مجرد إنجاز عسكري، بل كان تجسيدًا لوحدة الشعب والجيش، حيث امتزجت أصوات التكبير في المساجد مع صيحات الجنود في الميدان، في مشهد يعكس عمق الإيمان واليقين بالنصر.
فالعاشر من رمضان ليس مجرد ذكرى نحتفل بها كل عام، بل هو نموذج يُلهمنا في مختلف مجالات الحياة. فإذا كان أبطال الجيش قد صنعوا المستحيل بالتخطيط والإيمان، فنحن اليوم بحاجة إلى نفس الروح لتحقيق انتصارات أخرى في ميادين العلم، والتكنولوجيا، والاقتصاد. التحديات التي نواجهها قد تكون مختلفة، لكن الدرس واحد: الإصرار والعمل الجاد يصنعان الفرق.
ما يجعل العاشر من رمضان أكثر من مجرد ذكرى هو أن قيمه لا تزال صالحة لكل زمان ومكان. فهو يُعلمنا أن التخطيط الدقيق، والعمل الجماعي، والصبر، والتضحية، هي مفاتيح النجاح، سواء في ميدان القتال أو في ساحات البناء والتطوير. وهذا ما يجب أن ننقله للأجيال الجديدة، لأن نهضة أي أمة لا تتحقق إلا بنفس الروح التي صنعت نصر العاشر من رمضان.
ولا يمكننا أن ننظر إلى هذا اليوم على أنه حدث عسكري فقط، بل هو فلسفة حياة، تُخبرنا بأن الإرادة الصلبة قادرة على تجاوز أصعب العقبات.
إن العاشر من رمضان سيبقى رمزًا للعزة والكرامة، وعبرة لكل من يريد تحقيق إنجاز حقيقي. فكما تحقق النصر بالإيمان والتخطيط، فإن كل فرد في المجتمع قادر على صناعة انتصاره الشخصي إذا امتلك العزيمة والإرادة. ومهما كانت التحديات، سيظل العاشر من رمضان شاهدًا على أن المستحيل يمكن أن يصبح واقعًا بالإيمان والعمل.
ولقد أثبت العاشر من رمضان أن المستحيل ليس حقيقة ثابتة، بل مجرد فكرة تتحطم أمام العزيمة والإيمان. واليوم، نحن بحاجة إلى استعادة تلك الروح في كل المجالات، لأن الانتصارات لا تكون فقط في الحروب، بل أيضًا في بناء الأوطان، وتطوير المجتمعات، وتحقيق الأحلام. إذا كان جنود 1973 قد واجهوا العدو وانتصروا، فإن معركتنا اليوم هي مواجهة التحديات الحديثة بعقلية الانتصار. فهل نحن مستعدون لصناعة مجد جديد؟
كاتب المقال: رئيس لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة بنموذج محاكاة مجلس الشيوخ