كتبت: ولاء فخري
مع قدوم شهر رمضان المبارك، تزينت الشوارع بالفوانيس والزينة المضيئة، حيث يظل الفانوس العربي هو الأصل والمتربع على عرش جميع الأنواع. وفي قرية الكلالسة بمركز قوص بمحافظة قنا، يجسد العم مهني أبو سيف، القبطي البالغ من العمر 55 عامًا، روح المحبة والوحدة الوطنية، من خلال صناعة الفوانيس الخشبية المزينة بالخيامية، تحت شعار “شهر الخير يجمعنا”.
داخل ورشته البسيطة، التي أقامها في منزله، يعمل العم مهني على تصنيع الفوانيس بأشكال وأحجام مختلفة، ليهديها إلى إخوته المسلمين احتفالًا بالشهر الكريم، مؤكدًا أن سعادته لا توصف عندما يرى فرحة الأطفال بفوانيسه المصنوعة بحب وإتقان.
وفي حديثه لـ “مصر الحرية”، يقول العم مهني، الذي كان يعمل مسؤولًا في شركة الموارد المهنية لمياه الشرب قبل إحالته إلى المعاش، إن ارتباطه بالفوانيس بدأ منذ طفولته، حين كان يشارك جيرانه فرحة رمضان، مرددًا معهم “وحوي يا وحوي” خلف المسحراتي. وعندما كبر، فكر في تصنيع الفوانيس بنفسه، ليهديها إلى أصدقائه وجيرانه، ثم تطور الأمر إلى مشروع صغير بمساعدة أسرته.
ويؤكد العم مهني أن التلاحم بين المسلمين والمسيحيين في قريته حقيقة راسخة، وليست مجرد شعارات، مضيفًا: “في الكلالسة، هناك ثمانية أو تسعة نجوع، والنجع الوحيد الذي يضم المسلمين والمسيحيين معًا هو نجع سالم، ونحن دائمًا يد واحدة في كل كبيرة وصغيرة”.
ويستعيد ذكريات طفولته قائلاً: “كنا ننتظر قدوم رمضان بفارغ الصبر، ونستمع إلى الراديو لمعرفة موعد الصيام، وعندما يُعلن عن أول أيام الشهر الكريم، نخرج إلى الشوارع فرحين، نلعب ونهلل ونضرب المدافع، مرددين: رمضان كريم، بكره صيام يا رمضان، وكل سنة وأنتم طيبين”.
وعن عملية التصنيع، يوضح العم مهني أنه يبدأ الاستعداد للموسم قبل رمضان بعدة أشهر، حيث يقوم بشراء الخامات بكميات كبيرة، ثم يتفرغ لمدة ثلاثة أشهر لصناعة الفوانيس، التي تشمل تصميمات متنوعة بأحجام مختلفة، تحمل عبارات مثل “رمضان كريم” و”مسجد”، بالإضافة إلى الفوانيس الكبيرة المصنوعة من الخشب والهلال المضيء، التي يطلبها الزبائن لتعليقها في منتصف الشوارع.
ويتابع أنه بدأ تصنيع الفوانيس منذ طفولته، مضحيًا بغرفته الخاصة ليحولها إلى ورشة صغيرة، حيث كان يصنع الهدايا في المناسبات المختلفة، إلى أن أصبح المشروع مصدر رزقه الأساسي.
وفي ختام حديثه، يؤكد العم مهني أن شهر رمضان هو شهر البركة والخير والمحبة لكل المصريين، معربًا عن أمله في تأسيس مصنع متخصص في إنتاج الفوانيس بجميع أنواعها، ليتمكن من تصديرها إلى مختلف الدول الإسلامية، مؤكدًا أن طموحه لا حدود له.