تقارير وتحقيقات

مركز إعلام نجع حمادي في مواجهة مصيرية: بين خطر الإغلاق وصراع الحفاظ على رسالته الإعلامية

كتب: شادي إدوارد

في قلب شمال قنا، حيث تنبض مدينة نجع حمادي بالحياة والتاريخ، يقف مركز إعلام نجع حمادي على مفترق طرق بين قرار النقل إلى مدينة قنا وبين حلم الاستمرار في أداء رسالته المجتمعية والوطنية، بعد مسيرة امتدت لـ27 عامًا في خدمة نحو مليونَي نسمة.

وسط هذا الموقف المصيري، أطلق العاملون بالمركز، الذي تأسس عام 1998 على مساحة 675 مترًا مربعًا، نداء استغاثة إلى السيد رئيس الجمهورية، طالبين التدخل لوقف قرار الهيئة العامة للاستعلامات بنقلهم، مؤكدين أن القرار يهدد بإهدار جهد سنوات طويلة من العمل الإعلامي والتوعوي في خدمة مراكز نجع حمادي ودشنا وفرشوط وأبوتشت.

 

صرح إعلامي يخدم الشمال القنائي

وصفت ماجدة الشرقاوي، مدير مجمع إعلام نجع حمادي وعضو المجلس القومي للمرأة فرع قنا، المركز بأنه صرح إعلامي متكامل، يضم قاعة مؤتمرات مجهزة تُعد من الأفضل على مستوى المحافظة، بالإضافة إلى مبنى إداري مكوّن من طابقين يحتوي على مكاتب إدارية، وقاعتين للمكتبة العامة، ونادي مشاهدة، ونادٍ للطفل، فضلًا عن مقر لمركز النيل للإعلام، مشيرة إلى أن هذا الصرح يخدم شريحة سكانية تتجاوز المليون و900 ألف نسمة، بحسب آخر إحصائيات رسمية في أبريل 2025.

 

مسيرة من العطاء الإعلامي والمجتمعي

وأكد العاملون أن المركز، منذ إنشائه وحتى اليوم، لم يتوان عن القيام بدوره في نشر الوعي الوطني، وتنظيم الحملات الإعلامية والقوافل الطبية بالتعاون مع المؤسسات الصحية، وتنفيذ الفعاليات التوعوية والقومية لتعزيز قيم الولاء والانتماء، كما شكل خط دفاع رئيسي في مواجهة الشائعات والمعلومات المغلوطة، في إطار إشراف مباشر من قيادات الهيئة العامة للاستعلامات.

وأضافوا أن جهودهم ساهمت بوضوح في تحقيق حالة من الاستقرار الإعلامي بمنطقة شمال قنا، التي تعد من المناطق الحيوية ذات التأثير السكاني الكبير في الصعيد.

 

المبنى ملك للدولة.. وحجة قوية للبقاء

أشار العاملون إلى أن مبنى مركز الإعلام مملوك بالكامل للهيئة العامة للاستعلامات، وليس مؤجرًا، مما يجعل قرار النقل في نظرهم يتنافى مع مبادئ استغلال الأصول العامة بشكل أمثل، ورأوا أن إغلاق أو نقل صرح إعلامي مجهز ومؤهل مثل مجمع إعلام نجع حمادي يُعد إهدارًا للموارد العامة وإضعافًا لدور مهم في خدمة المجتمع المحلي.

 

لماذا يرفض العاملون النقل إلى قنا؟

أوضح العاملون الأسباب الموضوعية التي تجعلهم يتمسكون بالبقاء، مؤكدين أن رفضهم لا يتعلق بالعناد، بل بظروف عملية وإنسانية واقعية، منها:

البعد الجغرافي: الانتقال إلى قنا يعني قطع مسافات طويلة يوميًا بالنسبة لمعظم العاملين الذين يسكنون قرى ومراكز شمال قنا، مما يؤثر سلبًا على انتظامهم وحالتهم النفسية.

التكلفة المادية: الانتقال اليومي إلى مدينة قنا سيتسبب في زيادة عبء الإنفاق على العاملين، بما قد يصل إلى ثلث رواتبهم الشهرية.

الضغوط الصحية والنفسية: معظم العاملين تجاوزوا سن الخمسين، وبعضهم يعاني أمراضًا مزمنة، تجعل السفر اليومي مرهقًا ويؤثر على قدرتهم الإنتاجية.

الاستقرار الاجتماعي: خاصة بالنسبة للعنصر النسائي بالمجمع، حيث سيتسبب طول ساعات الغياب في إضعاف الدور الأسري والرعاية اليومية للأطفال.

وأشار العاملون إلى أن قرار النقل يتجاهل نماذج قائمة في محافظات أخرى، حيث لم يتم نقل مراكز إعلامية مماثلة في مناطق نائية مثل الداخلة والخارجة وسيوة والغردقة، بل تم الحفاظ عليها رغم بعدها الجغرافي.

 

معاناة مشتركة وتضامن مراكز أخرى

ولفت العاملون إلى أن تظلمهم يأتي متزامنًا مع تظلم آخر من العاملين بمجمع إعلام زفتى، الذين توجهوا بنداء مماثل إلى السيد رئيس الجمهورية، رفضًا لقرار نقلهم إلى مدينة طنطا.

 

مركز إعلامي نابض بالحياة.. هل يصمد؟

في مدينة نجع حمادي، التي تمثل واحدة من قلاع الهوية الثقافية في صعيد مصر، يُعد مركز الإعلام منصة حيوية للتواصل بين الدولة والمجتمع، وصوتًا معبرًا عن آمال وطموحات المواطنين، ويخشى أبناء المنطقة أن يؤدي غلق هذا الصرح إلى إضعاف الجهود التوعوية، وحرمان شمال قنا من منبر إعلامي فعال كان ولا يزال شاهدًا على قضاياهم وتطلعاتهم.

ينتظر العاملون ومعهم قطاع واسع من أبناء شمال قنا، أن تجد مناشدتهم صدى لدى صناع القرار، لإنقاذ مركز إعلامي لا يمثل مجرد مبنى، بل يمثل تاريخًا ورسالة مستمرة في بناء الوعي، ودعم استقرار المجتمع وتنميته.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى