
كتب – مهاب المناهري
في إطار جهودها المستمرة لتعزيز العدالة الجندرية وضمان حقوق جميع أفراد الأسرة، نظّمت مؤسسة قضايا المرأة المصرية، من خلال برنامج “الوصول للعدالة”، مائدة حوارية بمحافظة المنيا بعنوان “أهمية وجود قانون أحوال شخصية أكثر عدالة”، وذلك بحضور 40 مشاركًا ومشاركة من الإعلاميين والمحامين وممثلي الجمعيات الأهلية بالمحافظة.
جاءت هذه الفعالية ضمن أنشطة مشروع “نحو قانون أسرة أكثر عدالة لكل أفراد الأسرة”، الذي تنفذه المؤسسة بالتعاون مع مؤسسة كفينفو.
افتتحت اللقاء جواهر الطاهر، مديرة برنامج الوصول للعدالة، حيث رحّبت بالحضور وقدّمت نبذة تعريفية عن مؤسسة قضايا المرأة المصرية وأهدافها، مسلّطة الضوء على مسيرة العمل الممتدة لأكثر من عشرين عامًا من أجل إعداد مقترح قانون أحوال شخصية أكثر عدالة، يعكس واقع الأسرة المصرية ويخدم مختلف فئاتها دون تمييز. واستعرضت أبرز المحطات التي مر بها المقترح والتحديات التي واجهتها المؤسسة في سبيل تطويره.
كما تناول عبد الفتاح يحيى، المحامي بالنقض وعضو اللجنة القانونية بالمؤسسة، أبرز الإشكاليات التي تشوب قوانين الأحوال الشخصية الحالية، مؤكّدًا أن تلك التشريعات باتت غير قادرة على مواكبة التغيرات الاجتماعية والاقتصادية، مما يزيد من تعقيد الأزمات الأسرية. وأوضح أن الحل يكمن في سنّ قانون جديد يتعامل بجدية مع قضايا مثل الطلاق والنفقة والحضانة بما يضمن الإنصاف لكافة الأطراف، ويحقق استقرارًا حقيقيًا داخل الأسرة.
من جهته، قدّم المحامي بالنقض والخبير الحقوقي محمود عبد الفتاح عرضًا تفصيليًا لمشروع القانون المقترح من قبل المؤسسة، مشيرًا إلى أن المشروع يتضمن مواد جديدة ومعدّلة تضمن العدالة والمساواة، وتراعي واقع النساء خاصة في حالات الطلاق والحضانة، كما يعالج المسكوت عنه في الزواج العرفي، ويحفظ حقوق النساء المسيحيات، ويضع تصورًا متقدمًا لاقتسام العوائد الاقتصادية الناتجة عن سنوات الزواج.
وفي مداخلتها الموسعة، أكدت جواهر الطاهر أن المؤسسة ومنذ عام 2003 تبذل جهودًا دؤوبة لصياغة قانون متكامل يُراعي المصلحة الفضلى للطفل، ويمنح النساء حقوقهن كشريكات متساويات في العلاقة الزوجية، مشددة على أن مقترح القانون لا يخدم المرأة فقط، بل يسعى لتحقيق التوازن داخل الأسرة برؤية شاملة تحفظ حقوق الجميع.
وشهدت الجلسة نقاشًا ثريًا تخللته عدة توصيات خرجت بها المائدة، أبرزها ضرورة ضبط صياغة النصوص القانونية في المشروع الجديد بدقة لتقليص مساحة السلطة التقديرية للقضاة، مع التأكيد على أهمية قيام المؤسسات التعليمية والدينية والإعلامية بأدوار توعوية لتثقيف المقبلين على الزواج وطلاب المدارس بشأن مفاهيم الأسرة والحقوق والواجبات.
كما أوصى المشاركون بضرورة تخصيص أماكن مناسبة للرؤية تحت إشراف وزارة العدل، وتوضيح مفهوم اقتسام العوائد بما يتناسب مع خصوصية كل حالة.
كما تمت الإشارة إلى أهمية تناول وضع النساء المسيحيات في القانون بشكل أكثر دقة، خاصة في مسائل الحضانة والزواج والطلاق، بالإضافة إلى النظر في الوضع الاقتصادي للنساء اللاتي يلجأن إلى الزواج العرفي خوفًا من فقدان المعاش، مع التأكيد على ضرورة توضيح مفهوم “الإنصاف” في مواد القانون المقترح ليكون محددًا لا يقبل التأويل.
الجدير بالذكر أن الجلسة أدارَتها الإعلامية صباح رمضان، المذيعة بإذاعة جنوب الصعيد، والتي حرصت على فتح حوار تفاعلي بين الحضور، مما أضفى على المائدة طابعًا عمليًا يعكس واقع التحديات القانونية التي تواجه الأسرة المصرية، ويؤكد الحاجة الملحة لقانون أحوال شخصية أكثر عدالة وشمولًا.