رغم التحديات.. ستظل الوادي الجديد سلة غلال مصر قديمًا وحاضرًا ومستقبلًا.. وكلمة السر هي “الفلاح”

بقلم: المهندس محمود غالي

كانت مصر قديمًا سلة غلال العالم، وكانت الوادي الجديد تحديدًا سلة غلال مصر، إذ ورد ذكرها في القرآن الكريم بوصفها “خزائن الأرض” في عهد نبي الله يوسف عليه السلام، حين أصبحت منبعًا للغذاء أنقذ المنطقة بأسرها من المجاعة التي استمرت سبع سنوات عجاف، وكانت الوادي الجديد إحدى هذه الخزائن الغذائية.

كما وثقت جدران المعابد والمقابر الفرعونية عملية زراعة القمح بكافة تفاصيلها، من نثر البذور حتى الاحتفال بجني الحصاد.

وخلال الاحتلال الروماني، الذي امتد لأكثر من 600 عام، كانت مصر تطعم الإمبراطورية الرومانية بالقمح، وقبلها كانت سفن الغلال تسير من ميناء الإسكندرية إلى مدن اليونان القديمة.

وفي العصر الإسلامي، وتحديدًا في عام الرمادة، عندما ضرب الجفاف الجزيرة العربية في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، أرسل عمرو بن العاص، والي مصر، قافلة غذائية كبيرة أغاثت الجزيرة وكفتها مؤونة المجاعة. واستمر هذا الدور الحيوي لمصر حتى منتصف القرن العشرين.

وتسعى الدولة المصرية، منذ فجر التاريخ وحتى اليوم، إلى سد فجوة الاستيراد وتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح.

وتُعد محافظة الوادي الجديد نموذجًا بارزًا في هذا التوجه، بما تملكه من تاريخ عريق في زراعة الغلال وتخزينها، وها هي تباشير النجاح الفعلي تظهر بفضل رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي للتوسع في زراعة القمح وتحقيق الاكتفاء الذاتي.

ففي موسم 2025، بلغ إجمالي ما تم توريده إلى صوامع المحافظة نحو 560 ألف طن من القمح، بزيادة قدرها 127 ألف طن عن العام السابق، الذي سجل 433 ألف طن، أي بمعدل نمو يقارب 35%.

ويعود الفضل في هذا الإنجاز، أولًا وأخيرًا، إلى الفلاح، ذلك الجندي المجهول، الذي تحمّل وحده أعباء التحديات، من ارتفاع أسعار التقاوي والأسمدة والمعدات الزراعية، إلى أجور العمالة وتكاليف الكهرباء وغيرها من المعوقات، لكنه صمد وأصرّ على مواصلة العطاء.

لذا، لا بد من تكثيف الدعم لهذا البطل، وتقديم التسهيلات اللازمة، وإزالة العقبات كافة، بما يمكّنه من تحقيق أعلى إنتاجية، ويقربنا من هدف الاكتفاء الذاتي، ويقلص فجوة الاستيراد من الخارج.

وختامًا.. نسأل الله أن يديم على مصر نعمته من الخير والأمن والأمان.

* كاتب المقال: أمين تنظيم حزب العدل بمحافظة الوادي الجديد ورئيس لجنة الزراعة والري والموارد المائية بنموذج محاكاة مجلس الشيوخ المصري