تقارير وتحقيقات

“الندابة”.. حرفة الصعيد الحزينة تحتضر بين المدن والنجوع

 

كتبت- سمر سليمان :

“أوعي يا غسال تندهيني، اخلع هدومي الزين وتديني”، “أوعي يا غسال ترجفني، تخلع هدوم الزين وتحدفني”، و”يا قبر جايلك شاب زين، خايل في لف العمامة، عشان خاطر نبينا الزين، يارب اغفرله خطاياه”.

 

بهذه الكلمات الشعرية كانت “الندابة” أو “العدادة” تثير أحزان أهل المتوفى، مرددةً عبارات الوداع المؤثرة التي تلخص مشاعر الفقد. تلك العادة التي كانت متجذرة في صعيد مصر، خاصة في القرى والنجوع، باتت اليوم مهددة بالاندثار، تاركة خلفها تراثًا يروي وجع الفراق.

 

لقاء مع “العدادة” زينب أبو الحسن

في لقاء خاص مع “مصر الحرية”، تحدثت زينب أبو الحسن، وهي إحدى السيدات اللاتي عملن بمهنة الندب، قائلة: “زمان، كان الندب مهنة نعيش منها.. كان أهل المتوفى يستأجروننا لإثارة الأحزان والبكاء عليه. كنت أرتدي جلابية أو عباءة سوداء، وأجلس بين المعزّين من لحظة الوفاة حتى الدفن، مع معرفة معلومات عن المتوفى لبدء النواح عليه”.

 

وأضافت زينب، البالغة من العمر 62 عامًا، أن العبارات التي تُقال تختلف حسب عمر المتوفى، جنسه، وحالة الوفاة. وأوضحت أن النساء الأكبر سنًا كنَّ أحيانًا يندبن على حياتهن وحظهن السيئ أثناء المآتم.

أشهر عبارات الندب

في ندب المرأة على زوجها:

“يا عمود بيتي والعمود عدّوه، يا هل ترى في بيت مين نصبوه؟”

“يا عمود بيتي والعمود رخام، يا هل ترى في بيت مين اتقام؟”

في ندب العروس:

“نادِ الله عريس معزوم في جنينة، ياريتها زفة ودخلته الليلة.”

“نادِ الله عريس بيت عمه، الطبل ضرب ولا نقوط لمّه.”

في ندب القتيل:

“يا نايحة نوحي عليه نوحي، فلان اتمدد على اللوحي. زقزق يا عصفور وازعق يا غراب، فلان مقتول ومرمي في الخراب.”

في ندب الفتاة:

“يا قبر جايلك عروسة، محنية الكفوف والكعب، خدت معاها الهنا وسابت وجع القلب.”

في ندب العانس:

“يا ماشطة أرضي لها المقصود، وأرمي لها بين الفروق دبوس.”

في ندب المرأة على حظها السيئ:

“قالوا شقية قلت من يومي، قسموا النوايب طلع الكبير كومي.”

اندثار مهنة الندابة

اختتمت زينب حديثها قائلة: “هذه الكلمات والعادات كانت جزءًا من ثقافتنا، خاصة في القرى والنجوع. لكنها الآن تكاد تختفي، فمع مرور الزمن لم تعد مهنة الندب موجودة في المدن، وحتى في القرى أصبحت نادرة جدًا. إنها مهنة عمرها آلاف السنين، ولكن يبدو أنها أصبحت جزءًا من الماضي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى