لغز جريمة المعمورة: محامٍ قاتل و8 متهمين صامتين.. جثث مدفونة وابتزاز يكشف المستور!

لم تشهد الإسكندرية جريمة أغرب من تلك التي دارت أحداثها في منطقة المعمورة، حيث أقدم محامٍ على قتل سيدتين، واحتفظ بجثتيهما داخل شقته لأكثر من عام، قبل أن يتم اكتشاف الأمر بالصدفة. القضية، التي تجاوز عدد أوراقها 100 ورقة حتى الآن، كشفت تفاصيل مروعة عن القاتل الذي واصل حياته بشكل طبيعي بين العمل والعلاقات النسائية، بينما كانت الجثث مدفونة داخل شقته.
بداية القصة
المتهم (ن)، البالغ من العمر 51 عامًا، هو محامٍ سبق له العمل في السعودية، حيث تزوج هناك ثم انفصل وعاد إلى مصر. استقر في القاهرة، لكنه كان يتنقل بين المحافظات، خصوصًا المناطق الريفية والشعبية، حيث تركزت أعماله القانونية. في عام 2021، تعرف على الضحية الأولى (م)، وهي سيدة في الثلاثينات من عمرها، كانت قد تركت منزل أسرتها بسبب خلافات عائلية. نشأت بينهما قصة حب انتهت بزواج عرفي دام ثلاث سنوات، لكن العلاقة كانت مضطربة، إذ كانت الزوجة غيورة بسبب تعدد علاقات المتهم النسائية.
مع بداية العام الماضي، وقعت بينهما مشادة حادة، فقد فيها المتهم أعصابه وانهال عليها ضربًا حتى فارقت الحياة. في التحقيقات، اعترف أنه قتلها، لكنه لم يفسر سبب غرق البطانية التي وضع جثتها فيها بالدماء، وهو ما سيحسمه تقرير الطب الشرعي لاحقًا.
إخفاء الجثة في نعش داخل الشقة
بعد ارتكاب الجريمة، فكر المحامي في طريقة لإخفاء الجثة، فاستعان بنجار من المنطقة لصنع نعش مفتوح من الأعلى، حيث وضع الجثة بداخله واحتفظ بها في إحدى غرف شقته الواقعة في الطابية، بحي المنتزه ثانٍ. المثير في الأمر أنه واصل حياته الطبيعية داخل الشقة، متنقلًا بين عمله وعلاقاته النسائية وكأن شيئًا لم يكن.
بمرور الوقت، انتهى عقد إيجار الشقة، فقرر المتهم البحث عن مكان جديد، ووقع اختياره على شقة في الطابق الأرضي، ليستخدمها كمكتب محاماة وسكن في آنٍ واحد. استغل وجود البواب في العقار القديم لمساعدته في نقل أغراضه، بما في ذلك النعش الذي يحتوي على الجثة، دون أن يثير الأمر أي شكوك لدى أحد.
الجريمة الثانية.. والدفن في أرضية الغرفة
بعد ثمانية أشهر من الجريمة الأولى، استقبل المحامي في مكتبه الجديد سيدة تُدعى (ت)، تبلغ من العمر 63 عامًا، كانت قد وكلته في بعض القضايا القانونية. بحكم علاقتهما المهنية، صار يعرف الكثير عن حياتها الشخصية ومواردها المالية، لكنها اختلفت معه حول أتعابه، إذ اعتبرت مطالبه مبالغًا فيها، فهددته بإلغاء التوكيل.
في لحظة غضب، استل المحامي سكينًا وطعنها في بطنها، ثم نقل جثتها إلى نفس الغرفة التي كانت تضم نعش زوجته السابقة، ولكن هذه المرة، تجردت الجثة من ملابسها، وتُركت إحدى عينيها مفتوحة، وهو ما أثار علامات استفهام كبيرة حول دوافع القاتل، خاصة أن الجثة كانت في حالة تعفن شديد.
بعد ذلك، قرر التخلص من الجثتين، فوضعهما داخل ثلاثة أكياس بلاستيكية صفراء، ثم حفر حفرة في أرضية الغرفة ودفنهما معًا. لم يتوقف عند هذا الحد، بل قام بحفر حفرة أخرى لدفن البطانية التي كانت تحتوي على دماء الضحية الأولى، إلى جانب ملابس الضحية الثانية، بينما احتفظ لنفسه بأوراقهما الثبوتية.
الصدفة تكشف المستور.. وابتزاز القاتل
خلال تلك الفترة، كانت هناك ثلاث سيدات يترددن على الشقة، إحداهن كانت تقيم معه مؤخرًا مع أطفالها بعد انفصالها عن زوجها، حيث تعرفت عليه عبر صديقتها التي كانت أيضًا دائمة التردد عليه. أخبرهن المتهم أنه متزوج، لكن زوجته مريضة ولا تغادر السرير، وأن الزائرات هن أقاربها اللاتي يأتين لرعايتها.
بعد مقتل السيدة الثانية، استولى المحامي على متعلقاتها، بما في ذلك بطاقة الفيزا الخاصة بمعاشها، ثم أعطاها لإحدى السيدات المقيمات معه (ن)، وطلب منها سحب المعاش لمدة خمسة أشهر. بمرور الوقت، بدأ الشك يراود المرأة، خصوصًا بعدما عثرت على محفظة الضحية وبطاقتها الشخصية، فأخبرت صديقاتها بشكوكها حول تصرفات المحامي.
قرروا جميعًا كشف الحقيقة، فأحضروا ثلاثة رجال وقاموا بكسر باب الغرفة المغلقة أثناء غياب المتهم، ليكتشفوا وجود حفرة غريبة. في البداية، ظنوا أنه كان يحفر بحثًا عن آثار، لكنهم سرعان ما أدركوا أنها تحتوي على جثث مدفونة.
لحظة القبض على القاتل
بدلًا من إبلاغ الشرطة، حاول المتواجدون في الشقة ابتزاز المحامي ومطالبته بدفع مبالغ مالية مقابل التستر على الجريمة. لكنه رفض، مما أدى إلى تصاعد التوتر بينهم، وارتفعت الأصوات داخل الشقة في ساعات الفجر. أحد الرجال الموجودين، الذي لم يحصل على نصيب من المال، قرر الاتصال بالشرطة، مدعيًا أنه كان يسير أسفل العقار وسمع استغاثة امرأة.
عندما وصلت قوات الأمن إلى الموقع، وجدت أن أقوال الموجودين داخل الشقة متضاربة، مما أثار شكوكهم. بعد التحقيق، سارعت إحدى السيدات بالإبلاغ عن الجريمة لتنجو بنفسها من التورط، ليتم القبض على الجميع في الحال.
تحقيقات النيابة وكشف المستور
أمرت النيابة بعرض المحامي القاتل على الطب الشرعي، لتحليل دمه وبيان ما إذا كان يتعاطى مواد مخدرة. كما تم رفع البصمات من النعش وأدوات الحفر والأكياس البلاستيكية التي عُثر بداخلها على الجثث.
بالإضافة إلى ذلك، تُجري مباحث المنتزه ثانٍ تحقيقات مكثفة للكشف عن دور باقي المتهمين، بمن فيهم الستة الذين كانوا متواجدين وقت القبض عليه، والبواب الذي ساعده في نقل النعش، وكذلك النجار الذي صنعه.
تم إرسال الجثتين إلى الطب الشرعي لتحديد أسباب الوفاة، وبيان ما إذا كانت الضحية الثانية قد تعرضت لاعتداء قبل قتلها، بالإضافة إلى تحديد الزمن الدقيق للوفاة. كما تم التواصل مع الجهات المسؤولة عن صرف معاش المجني عليها، لمعرفة ما إذا كان القاتل قد استولى على مبالغ مالية أخرى باسمها.
القضية لا تزال قيد التحقيق، ومن المتوقع أن تكشف النيابة مفاجآت جديدة، خصوصًا مع تداخل العديد من الأشخاص في تفاصيلها، بين مشاركين ومتسترين على الجريمة.