مقالات

رئيس اللجنة المالية والإقتصادية والاستثمار بمحاكاة الشيوخ يكتب: الاقتصاد المصري يستعيد توازنه

قراءة في نتائج الأداء وتساؤلات حول المستقبل

بقلم – أحمد حسن عبد المنعم :

شهد الاقتصاد المصري خلال الأشهر التسعة الماضية تحسنًا ملحوظًا، وفقًا للبيانات الرسمية الصادرة عن مجلس الوزراء. وتعد هذه المؤشرات الإيجابية خطوة مهمة على طريق تحقيق الاستدامة المالية وتعزيز الثقة في الأداء الاقتصادي للدولة.

فقد سجلت الإيرادات الضريبية 1.4 تريليون جنيه، وهو أعلى رقم يتم تحقيقه منذ عدة سنوات، مما يعكس نجاح جهود توسيع القاعدة الضريبية وزيادة كفاءة التحصيل. كما نجحت الحكومة في خفض الدين الخارجي بمقدار مليار دولار خلال ثمانية أشهر، في ظل سياسة تستهدف تحسين مؤشرات الدين العام وتقليل أعبائه على الاقتصاد.

وعلى صعيد المالية العامة، تم تحقيق فائض أولي بقيمة 435 مليار جنيه، وهو أعلى فائض أولي يتم تسجيله خلال الفترة المناظرة. كما نما إجمالي الإيرادات العامة بمعدل 32%، متفوقًا على معدل نمو المصروفات البالغ 24%، وهو ما ساهم في خفض نسبة العجز الكلي إلى 6.3% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بمعدلات أعلى خلال السنوات الماضية.

كما أولت الحكومة اهتمامًا خاصًا بالقطاعات الحيوية، حيث بلغ متوسط الزيادة في الإنفاق على الصحة نحو 27%، وعلى التعليم نحو 23%، في إطار توجه يهدف إلى تعزيز الاستثمار في رأس المال البشري بما يخدم أهداف التنمية الشاملة.

ورغم أهمية هذه النتائج، إلا أن الحفاظ على هذا المسار الإيجابي يتطلب العمل على عدة محاور رئيسية، أهمها:

أولًا: الاستمرار في تطوير النظام الضريبي، بما يحقق المزيد من العدالة الضريبية، ويزيد من الاعتماد على الضرائب غير المباشرة، مع التوسع في استخدام التكنولوجيا المالية لزيادة الشفافية وكفاءة التحصيل.

ثانيًا: مواصلة خفض الدين العام، مع التركيز على تمويل احتياجات الحكومة عبر أدوات دين طويلة الأجل لتخفيف الضغوط التمويلية، وتقليل مخاطر تقلبات أسواق الدين الدولية.

ثالثًا: دعم القطاع الخاص باعتباره المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي، من خلال إزالة العقبات أمام الاستثمار المحلي والأجنبي، وتحفيز بيئة الأعمال عبر تبسيط الإجراءات وتقليل تكلفة ممارسة الأعمال.

رابعًا: تعزيز برامج الحماية الاجتماعية، مع ضرورة مراجعة وتحديث قواعد استهداف الفئات المستحقة لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه الحقيقيين.

خامسًا: تحسين كفاءة الإنفاق العام، خاصة الإنفاق الاستثماري، من خلال تطبيق برامج لقياس العائد الاقتصادي والاجتماعي لكل مشروع.

سادسًا: الاهتمام بتطوير القطاعات الإنتاجية، وعلى رأسها الزراعة، الصناعة، والسياحة، بما يحقق التنوع الاقتصادي ويعزز قدرة الاقتصاد المصري على مواجهة الأزمات الخارجية.

إن التحسن الملحوظ في المؤشرات الاقتصادية يمثل شهادة على صلابة الاقتصاد المصري، غير أن التحديات تفرض ضرورة الاستمرار في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، لضمان تحقيق نمو اقتصادي مستدام وشامل، يعود أثره الإيجابي على مختلف شرائح المجتمع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى