أبطال أكتوبر.. المقاتل عبد النور يوسف يروي تفاصيل مشاركته في ملحمة العبور (فيديو)
“دبابة ٢٨٨٩” حصلت على المركز الأول في تنفيذ مشروع قياس الكفاءة.. وتمت ترقيتي إلى رتبة رقيب
لا أنسى مشهد الباش شاويش “عبدربه” الذي فصل صاروخ العدو رأسه عن جسده
أنا الوحيد الذي رجعت بالطبنجة والبيادة والهيلمد.. وفي اليوم التالي جاء ضابط وأعطاني ٥ جنيه مكافأة.. “كانت تساوي مرتب موظف”
الرئيس السادات زارنا في مستشفى ألماظة برفقة العديد من القيادات العسكرية
كتبت – لاڤنيا جميل :
مع احتفال الدولة المصرية بالذكرى الحادية والخمسين لإنتصارات أكتوبر المجيدة، لا تزال ذاكرة المقاتلين المشاركين في الملحمة الوطنية العسكرية، تبوح بالكثير من الأسرار والحكايات التي حرصت “مصر الحرية” على رصدها لتعرف كل الأجيال ما فعله أبطالنا من أجل استرداد الأرض وفرض السلام بعد القوة.
توجهت جريدة “مصر الحرية” لمنزل المقاتل “الرقيب عبد النور يوسف منقريوس” المقيم بقرية شنهور التابعة لمركز قوص، بمحافظة قنا، لنستمع لذكرياته عن حرب أكتوبر.
بدأ “عبد النور” ذكرياته التي سردها بكل فخر أنه إلتحق بالجيش في سلاح المدرعات وكان “قائد دبابة ٢٨٨٩”.
وذكر “عبد النور” أنه قضي مدة تدريب في دهشور، ثم تم نقلهم للغردقة للتدريب على القيام بمشروع “صد الإبرال الجوي للعدو”..
وخلال عمليات نقل الكتيبة، قام “عبد النور” بتحميل ٣٢ دبابة فوق التريلات “سيارات لنقل الدبابات” وحين وصولهم للغردقة؛ تم تدريب الجنود على “مشروع صد الإبرال الجوي للعدو، وطلب الفريق محمد فوزي، بأن تقوم الكتيبة بنتفيذ المشروع لقياس كفاءتهم في التنفيذ، ولقد حصلت دبابتي “
” على المركز الأول في تنفيذ المشروع، وقد كافئه “الفريق محمد فوزي” بهذا الإنجاز هو والخمسة جنود المشاركين معه في تنفيذ المشروع داخل الدبابة؛ حيث قام بترقيتهم من رتبة “أمباشا” إلى رتبة “رقيب”.
ثم تم نقل الكتيبة إلى “جينيف” في الضفة الغربية للقناة، وكان أمامهم جنود العدو في الضفة الشرقية لقناة السويس، وظلوا هناك ٤ سنوات، ظلوا هناك حتى عام ٧٣ .
وقبل الحرب لم يعلم أحد من الجنود انهم سوف يقومون بحرب إلى أن جاء “قائد الجيش” في يوم ٦ أكتوبر واعطاهم منشور يفيد بأنه عبورهم قناة السويس في الساعة ٢ ظهراً وأن الطيران سوف ينطلق الساعة ٢ إلا ربع. وكتبنا بأيدينا شهادات المالية التي سيتم صرفها لأسرتنا في حالة الإستشهاد في الحرب.
وقال: لقد مرت أمام أعيننا حوالي ٢٧٠ طائرة وبعدها بربع ساعة اطلقنا من المدرعات ٧٠ طلقة استهدفت نقطة العدو التي تبعد عنا بحوالي ١٢ك من السويس.
كما تم إطلاق الصواريخ، ثم قمنا بإطلاق العديد الدفعات حتى جاءت الأوامر بأن نعبر القناة بعد أن قام المهندسين بإبطال النابالم.
وقال: مررت أنا أولاً لأن دبابتي تقوم بكسح الألغام، وبعدها مرت جميع الدبابات إلى أن عبرنا ودخلنا صحراء سيناء، وظللنا نتبادل إطلاق النار على العدو لمدة ٣ أيام ودمرنا العديد من دبابات العدو.
واصبت أنا و١٧ جندي من زملائي وكان معنا زميل اسمه “إذهار” من عزبة النخل وقد أصابه صاروخ تسبب في قطع ساقية وظل ينزف منه بحر من الدماء، وقال لنا: “إتركوني وإذهبوا انتم واتركوني، أما أولادي فيتولاهم الله”.
وأكمل: ثم توجهنا بالدبابات إلي النقطة الخاصة بنا.. وخلال ذلك كنا ننقل جنود سلاح المشاه إلى نقاط العدو في طريقنا للتعامل مع العدو بالسلاح.. إلى أن وصلنا إلى نقطتنا وجاء قائدنا ونقلنا في مدرعة وتوجهت بنا إلى المعبر وقبل وصولنا للمعبر بحوالي ٢٠٠ متر، وجه لنا الطيران قنابل مثل “الغلة” وحينها كان معي “باش شاويش عبدربه” وكان ممسكً بيدي وعندما شاهد الطلقات موجهة إليه؛ ترك يدي وأصابته قنبلة تسببت في فصل رأسه عن جسده، وحزنت عليه حزن شديد ولم ولن أنسى هذا المشهد طوال حياتي.
وأكمل: ثم وقفت على رجلي وعبرت المعبر وتوجهت لنقطة الإسعافات الأولية الكائنة في الجهة الغربية للمعبر؛ حيث كنت مصابا “بشظية في أسفل الجمجمة وشظية في الظهر وحروق في الذراعين” وقاموا بعمل الإسعافات الأولية ثم نقلونا في سيارة مكونة من طابقين أو ثلاث طوابق، حيث يوجد بها جنود مصابين بإصابات بالغة، ثم نقلونا لمستشفى بالسويس وهناك وجدنا الدماء في كل مكان، ثم نُقلنا منها إلي مستشفي ال ١٠٩، ثم نُقلنا إلي مستشفى “الروبيكي” ومنها إلي “مستشفي ألماظة” وهناك شعرت بأنني “على قيد الحياة” وتم إجراء العديد من العمليات لي، ولم أشعر بكل ذلك حتي فقت من العملية وظللت أبحث عن سلاحي الذي كان في يدي، إلى أن أخبرتني الممرضة بأنهم محتفظين بعهدتي مع القائد، وأخبرتني بأنه سوف يتم مكافئتي، لأنني الوحيد الذي رجعت بالطبنجة والبيادة والهيلمد” وفي اليوم التالي جاء ضابط وأعطاني ٥ جنيه مكافأة وكانت ال ٥ جنيه في ذلك الحين بقيمة “مرتب موظف” وجاء لزيارتنا “الرئيس محمد أنور السادات” ومعه العديد من القيادات.
وختم عبد النور كلامه قائلا: أشكر الله الذي نجاني من الموت ومنحنا نصر أكتوبر العظيم ورجعت لنا أرضنا مرة ثانية.